عدد الرسائل : 211 العمر : 38 رقم العضوية : 60 الاوسمه : تاريخ التسجيل : 28/03/2008
موضوع: مشروعية الخطيفة وعلاجها 18.06.08 11:03
مشروعية الخطيفة وعلاجها
* محمد حسين فضل الله قد تبلغ سيطرة الأهل على أبنائهم درجة، يعجز معها الأبناء عن إقناع أهلهم بفكرة الزواج ممن يرغبون، فيضطر الشاب إلى خطف الفتاة. ما رأيكم بهذا الحل؟ وهل الخطيفة مشروعة إسلامياً؟ ما موقف الاسلام من الخاطف والمخطوفة، وكيف يوجه الاسلام الأهل في هذا المجال؟ لقد جعل الله للأهل نوعاً من الولاية الأخلاقية على أولادهم، وأمر الأولاد، ذكوراً وإناثاً، بالإحسان إلى الوالدين وإطاعتهما، كخط أخلاقي يحبه الله. لذا، فإن على الوالدين التصرف بالطريقة التي يحبها الله ويرضاها، بحيث تكون تصرفاتهما مع أبنائهما، من الذكور والإناث، منطلقة من رعاية مصالح هؤلاء الأولاد، وأن تأتي مواقفهما منسجمة مع ما تقتضيه تلك المصالح، لا مصلحة الأب أو الأم أو مزاج أي منهما ورغباته. فإذا ما أراد الشاب أو الفتاة الزواج، تجنب الأهل إملاء ما يملكونه من رغبات في مواصفات الشريك، وما يتبنونه من مفاهيم حول الزواج، لأن الأبناء هم الذين سيتزوجون وليس أهلهم، ولأن جيل الآباء والأبناء لا يتبنيان المفاهيم نفسها حول الزواج، ولا يملكان الرغبات نفسها في الشريك المختار، فقد ورد في حديث للإمام علي (ع) قوله: ((لا تفسروا أولادكم على آدابكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم))، كما أن التقاليد التي كانت شائعة لدى الجيل السابق، لا يمكن أن تفرض على الجيل اللاحق، فلكل جيل ظروفه الخاصة به، وإذا رأى الأب والأم الولد أو البنت مصرين إصراراً كاملاً على الزواج بشخص معين، ولم يتمكنا من إقناعهما بالحوار بعدم صلاحية ذلك الشخص وعدم كونه مناسباً كزوج أو كزوجة، فإن عليهما، في هذه الحال، أن ينزلا عند رغبتهما، كي لا يتحول الرفض إلى سبب لتعقيد نفسي للولد أو البنت، أو إلى خطر يتهدد حياتهما ويجرهما إلى الانتحار مثلاً، ففي هذه الحالة لا يجوز للأبوين أن يواجها الموقف بطريقة الرفض المتعنت، إنما عليهما أن يفهما أن ارتباط ولديهما بهما ليس ارتباطاً عضوياً لا يمكن فكه، بل إن الأولاد، ذكوراً وإناثاً، يمثلون وجوداً مستقلاً عن الأب والأم، وغاية ما يربطهما بالوالدين علاقة الرحم. على الأبوين القيام بواجب النصح تجاه الأبناء، فإذا وصلا إلى الطريق المسدود، عليهما أن يخليا بين الأبناء وبين اختيارهم. هذه هي الزاوية التي لا بد للأبوين من النظر من خلالها إلى المسألة بطريقة واقعية إنسانية، فإن موقع القوة الذي يملكانه لا يخولهما اضطهاد الأولاد وخنق عاطفتهم وإسقاط إنسانيتهم. وفي حال رفض الأهل خيار أولادهم وضغطوا باتجاه إلغائه، كان على البنت أو الشاب أن يحاولا الوصول إلى ما يريدانه عبر الحوار، وعبر كل ما يتوفر لديهما من وسائل مباشرة أو غير مباشرة حتى يستنفداها جميعاً، وفي حال لم يصلا إلى إقناع الأهل، لا نشجع لجوء أي منهما إلى (زواج الخطيفة)، لأنه يجعل بداية حياتهما الزوجية قلقة وغير مستقرة، عدا أنه قد يؤثر سلباً على الواقع الاجتماعي لعائلة الشاب أو الفتاة، كما هي الحال في المناطق التي ترى في (الخطيفة) خطراً وعاراً اجتماعياً. نحن ننصح الأبناء بعدم اللجوء إلى الخطيفة لتحقيق مبتغاهم، فعلى الشاب والفتاة التفكير بأن الشريك الذي اختاره أي منهما ليس أول الناس ولا آخرهم، وأن الانسان لا يستطيع تحقيق رغباته كلها في الحياة، لكننا، في الوقت الذي لا ننصح فيه بالخطيفة، لا نجد مشكلة شرعية في أن يتزوج الشاب أو الفتاة بدون رضى أهلهما إذا كانا بالغين راشدين. وإذا كان الأهل متعسفين، وكان سلوكهما مع أولادهما يجسد اضطهاداً ينطلق من عقدة أو تشوه أو تخلف في النظرة، فإن للشابين الراشدين اختيار ما يشاءان لحياتهما، مع توسل كل ما يمكن لحل مشكلة رفض الأهل لخيارهما.