الامل يعود ببطء لنساء يعشن عزلة في نيجيريا

الامل يعود ببطء لنساء يعشن عزلة في نيجيريا

تحملت سويبا ساليسو آلام المخاض أربعة أيام وأربع ليال في منزلها المشيد من الطين في قرية نائية في نيجيريا قبل ان تنقلها اسرتها الى مستشفى خوفا على حياتها.
ووصلت ساليسو الى المستشفى بعد رحلة استغرقت ساعات عبر طرق غير ممهدة وحين اجرى الاطباء عملية قيصرية لاخراج الجنين كان الوقت قد فات وولد ميتا وبعد ايام قليلة بدأت ساليسو (15 عاما) تتبول لا اراديا.
وشعرت ساليسو بالخجل من ملابسها المبتلة ورائحتها ومثل مئات الالاف من النساء قبلها بدأت تعتزل الناس ودامت عزلتها عشر سنوات.
وقالت ساليسو من ولاية كاتسينا المسلمة في أقصى شمال نيجيريا هامسة "انها ارادة الله" وهي تخفي وجهها بقطعة من القماش حين تروي اكثر تفاصيل قصتها ايلاما.
وتعاني ساليسو من الناسور وهو مرض يصيب النساء من جراء مخاض طويل وصعب مما يفتح فجوة في الانسجة الرقيقة التي تفصل بين الرحم والمثانة ليصبن بسلس البول.
والزوجات صغيرات السن اكثر عرضة للاصابة بهذة الحالة لان اجسامهن غير مكتملة النمو وقد يؤدي ذلك لمخاض طويل حين يكون حجم الجنين أكبر من اللازم.
واعادت حملة مكافحة الناسور التي ينظمها صندوق الامم المتحدة للسكان الامل لساليسو. وساعدت الحملة على زيادة الوعي بالعلاج المتاح واخيرا وجدت ساليسو طريقها الى مستشفى بابار روجا في كاتسينا حيث اجريت لها عملية جراحية مجانية على حساب الدولة.
واستمرت الحملة اسبوعين في شهر شباط فبراير وتم خلالها تدريب اكثر من مئة من العاملين في مجال الصحة. وشكل اطباء اجانب ومحليون فرقا مشتركة لاجراء 545 عملية جراحية لنساء.
وتتعافى ساليسو في المستشفي حاليا وتراودها امال في المستقبل وتقول "امل ان ارزق باطفال اخرين ان شاء الله."
غير ان نقل هذه الرسالة المفعمة بالامل لما يتراوح بين 400 الف و800 الف من النساء يعانين من الناسور في نيجيريا مهمة صعبة. اذ ينبغي اختراق وصمة العار التي تحاصر المريضات واقناع الازواج والرجال ذوي السلطة في هذا المجتمع المحافظ حتى يسمح لنسائهم بكسر التقاليد.
ويمكن الوقاية من المرض من خلال قابلات ماهرات غير ان من الشائع في قرى مثل القرية التي تقيم بها ساليسو ان تضع النساء في منازلهن بمساعدة الشقيقات والامهات والجدات.
وقال زبيرو الياسو الجراح المتخصص في علاج الناسور "يفترض ان تتحمل المرأة الام المخاض دون شكوى ويعاملن باحترام شديد اذا وضعن دون تلقي مساعدة."
وهذا يستبعد وصولهن الى المستشفى في الوقت المناسب اذا حدثت صعوبات وطالت فترة المخاض عن اللازم. حتى وان اردن الذهاب الى المستشفى فان كثيرات افقر من ان يتحملن تكلفة السفر ناهيك عن العلاج الطبي في بلد يعيش معظم سكانه على أقل من دولار واحد يوميا.
وبما ان المصابات من اكثر افراد المجتمع تهميشا فان الناسور ظل طويلا مشكلة خفية في عدد كبير من البلاد. وفي عام2003 فقط نظم صندوق الامم المتحدة للسكان أول حملة عالمية للقضاء على المشكلة.
وعمل منظمو حملة مكافحة المرض على زيادة الوعي وسعوا لكسب دعم وسائل الاعلام المحلية واجهزة الدولة والزعماء المحليين التقليديين لنشر اساليب الوقاية من المرض وتعريف الضحايا بأماكن علاجه.
وتجري مستشفى بابار روجا عمليات لمريضات الناسور منذ سنوات غير ان ساليسو والاخريات لم يسمعن بذلك ابدا.
ورغم سوء حالة المستشفى فانه مصدر امل كبير للنساء اللائي فقدن اطفالهن وصحتهن وفي كثير من الحالات يرفضهن ازواجهن ويهجرهن نتيجة الجهل بسبب مرضهن.
وتقول نفيسات ادي نجاجو كبيرة الممرضات في عنابر جراحة الناسور في المستشفى "يقول البعض ان السبب انهن نساء سيئات ربما يكن اقدمن على خيانة ازواجهن" واضافت انها رأت كثيرات يعشن في اكواخ معزولة لسنوات.
وحتى بعد نجاح العملية لا يزول الخطر نظرا لانه من شبه المؤكد ان يعاود المرض النساء اذا حملن مرة اخرى مالم تجر لهن عملية قيصرية او اشرفت قابلات ماهرات على عملية الوضع.
لذا فان توعية النساء ومجتمعاتهن وبصفة خاصة الرجال بات امرا ضروريا بعد العلاج.
ومن اجل ذلك بدأ العاملون في المجال الطبي يزورون المريضات اللائي يتعافين من الجراحة واسرهن لشرح ما يمكن عمله لمنع تجدد الاصابة بالمرض الا ان مناقشة الموضوع ليست مسألة هينة دائما.
وينبغي ان تمتنع المرأة عن ممارسة الجنس لمدة ستة اشهر على الاقل بعد العملية.
وقالت زينب صادق المتطوعة في الهلال الاحمر "الموضوع صعب جدا لان هناك الكثير من المحاذير. إذا لم يقف الزوج الى صفك وكذلك كبار رجال القرية فانك تهدرين وقتك."
ويقول الياسو الذي اجرى عمليات جراحية لمئات النساء في ولاية كانو الشمالية ان علاج الناسور مجز رغم العقبات.
ويضيف "كطبيب لا يمكنك ان تفعل سوى القليل لتحدث مثل هذا الاثر الذي يغير حياة المريض. المرأة التي تعالج من الناسور تشعر انها استعادت حياتها من جديد."